السلام عليكم
دلوقتي راح اكمل قصة القهوة الخالية لنجيب محفوظ نبدا على بركة الله
عند الاصيل عاد صابر من عمله فقال لابيه :
مادمت لاتريدان تدهب معنا الى النادي فاختر مقهى في مصر الجديدة. مقاهي مدينتنا جميلة وقريبة من البيت..
قد يكون هدا المعقول ولكنه يحب قهوة متاتيا. انها مجلسه المختار طيلة دهر طويل. ومضى الى محطة الاوتوبيس. وهو يسير وئيدا ولكن بقامة مرتفعة يستعمل العصا ولكنه لا يتوكا عليها. اتخد مجلسه بالقهوة وهو يقول لنفسه فيما يشبه المداعبة’’:مابال القهوة خالية. ولم تكن القهوة خالية. ولكنها خلت من الاصحاب والمعارف. ومن عادته ان يرنو الى الكراسي التي حملت قديما الاعزاء الراحلين فيتخيل وجوههم وحركاتهم. والمناقشات حول اخبار السياسة. قضى الله ان يشيعهم واحدا بعد اخر وان يبكيه جميعا. وجاء زمن لم يجد فيه من رفيق سوى واحد هو علي باشا مهران. وهدا الكرسي كان مجلسه. يجلس عليه قصيرا نحيلا مكوما فوق عصاه وحافة طربوشه تماس حاجبيهالاشيبين النافرين. ويرمقه بنظرة هشة شبه دامعة من نظارت كحيلة ثم يتساءل ضاحكا:من منا سيسبق صاحبه؟
كانت يداه قد استوطنها رعشة الكبر رغم انه كان يصغره بعامين. ولما مات في الخامسة والثمانين حزن عليه طويلا. ومن بعده خلت الدنيا وخلت القهوة. وهاهي العتبة الخضراء تدور كعادتها امام عينيه الكليلتين ولكنها ميدان جديد. وماتاتيا نفسها لم يبق من اصلها الا الموضع. ولكن اين صاحبها الرومي الودود. واين النادل دو الشوارب البلقانية والكراسي المتينة البنيان والمرايا المصقولة؟. وفي ليلة شم النسيم احيل الى المعاش. وسهر ليلتها في مسرح الازبكية هو ومجموعة من الاصدقاء حيث جلجل صوت الطرب. اما النهار فقد قضوه في القناطر الخيرية محتفلين بوداعه والقى الشيخ ابراهيم زناتي قصيدة المناسبة.
ولما نام اخر الليل حلم بانه يلعب في الجنة. ودعا له صديقه ابراهيم زناتي بمائة عام من العمر المديد في قصيدته. والدعوة يبدو انها ستستجاب. ولكن القهوة خالية.
والشيخ زناتي نفسه رحل وهو ما يزال في الخدمة. واقترب النادل منه لياخد الصينية ولكنه تراجع كالمعتذر. فذكره بفنجان القهوة المنسي الذي لم يمسه.
وعندما رجع الى البيت وجده راقدا في السكون. وصاحبه لم يعد من النادي غير ملابسه في بطء وجهد دون معاونة احد وجلس لتناول العشاء فتذكر القطة. لو تشاركه القطة الصغيرة عشاءه!..ما الطف ان يوثق علاقته بها فهي ستكون انيسه الحقيقي في هذا البيت المشغول بنفسه.
مجهود شخصي وشكرا
لاتبخلو علينا بالردود